الأربعاء، 11 أبريل 2012

معطف من قيود 40

المعطف"40"
لا..لن ألبسه ابداً

هما اختان ..لايفرقهما السن الا قليلاً تعيشان معاً تحت ظل بيت هاديءوفي كنف أسرة محافظة ..يسترهما سقف حجرة واحدةبها سريريهما. .ولكل منهما مكتبها الخاص وبالطبع دولابها الخاص..أما عن الوالد والوالدة فقد انهكتهما ظروف الحياة خاصة بعد أن خرج الأب للمعاش المبكر لأنه لم يرتض ِلنفسه أن يتستر على الفساد في عمله فقرر الإنسحاب في الوقت المناسب رغم لوم زوجته الدائم له.. حتى وهو في رحلة البحث الدائم عن عمل بديل لم يخل يوم من سماعه تقريظة من هنا أو تنهيدة من هناك ..ولكن هي رغم كل شيء لاتفعل ذلك إلا من منطلق ضيق ذات اليد ..فكلما وجدت نفسها في "حيص بيص "من حسابات المنزل التي لا تنتهي وطلبات البنات التي تلمحها في عيونهن دون أن يطلبنها ..لاتستطيع أن تفعل شيئاًسوى تلك الزفرة الأليمة التي تكاد تشق صدرها.. حتى وهي نائمة لاتخلو أحلامها من تلك الموجعات ..فالبنات كما يقال "همٌ للممات "وهي لديها منهم اربعةصبايا وولد ..كانت كلما نظرت للثلاث الكبار تسرح في ليلة عرسهن والعريس المناسب لكل منهن والجهاز والفرح ومصاريف الدراسة واصرارها على ان يتخرجن جميعاً من الجامعة مهما كلفهم ذلك من مشقة وخاصة من بعد أن اكتفوا بتعليم الإبنة الكبرى"عالية" شهادة نسوية متوسطة وانزوت تلك غير آملة في العريس بعد أن كبرت نوعاً ما وصار الجميع ينظرون إليها أنها "عنّست"رغم انها تتمتع بجمال هاديء وفكرٍ صائب حتى انها كانت صديقة والدها وهي الوحيدة التي يشرب من يدها قهوته اليوميةويشركها معه في همومه لتجد معه لها حلاً ..ثم تليها في الترتيب هاتان البنتان "صواحب القصة":مديحة وتليها أميمة ..
ولم تكن أحدهما بأقل جمالاً من الأخرى فقد حبى الله كلٌ منهما بجمالً من نوعً متفرد فمديحة كانت تتميز بالشعر الذهبي مثل والدتها وعيونها التي تشبه عيون البقر الوحشي الذي يضرب به المثل في جمال عينيه و حدة نظراته..أما الأنف والفم فحدث ولاحرج ..ونأتي لأميمة التي كانت تتميز بين صويحباتها بطول شعرها الأسود الفاحم وسلاسته حتى إنه كان بالفعل يشبه ذيل الحصان وهو يتدلى على ظهرها في عنفوانٍ وثقة وعينيها السوداوان الكحيلتان من غير كحلٍ تحتضناك ولاتترك لك مجال للهروب من كحلهما ..

كانت مديحة في الفرقة الثالثة بكلية التجارة تليها أميمة بالفرقة الأولى بكلية الآداب قسم انجليزي ..وكانت الأمور تسير بهدوء حتى ظهر في حياتهما بالصدفة البحتة شابٌ يمتلك من متاع الدنيا ما يجعل كل فتاة تتمنى لو أصبح شريك حياتها ..واستطاع "سمير" -وهذا اسمه- أن يجذب اليه "أميمة " في الأول ثم ما أن رأى "مديحة"حتى جذبته ..خاصة بطلّتها المميزةوأناقتها المبهرة رغم بساطتها ..فهي لاتتوانى عن ارتداء كل ماهو أنيق فكانت لاترتدي سوى الأحذية ذات الكعب العالي والبالطو الجلد الأسود الأنيق وما تزينه به من ايشاربات عنق حسب لون ماترتديه من بلوزات أو فساتين ولاتنسى الجوانتي الجلد الأسود.. وكانت "أميمة "في هذا الوقت قد ارتبطت عاطفياً بزميلٍ لهايدعى"رأفت " في نفس الكلية كان أيضاً من عائلة ٍ يشار إليها بالبنان في مجال رجال الأعمال..فلما ابتعد عنها "سمير"رويداً رويداً لم تشعر بأنها قد افتقدت شيئاً ما ..وفي نفس الوقت لم تكن تدري أن أختها"مديحة"على علاقة ب"سمير "هذا ..وتوالت الأيام ومع كل يوم يزداد "سمير"تقرباً من "مديحة"وهي لاتعلم أن "سمير "كان هو العامل الأساسي في خروج والدها للمعاش المبكرلأنه كان من عناصر الفساد والرشوةالتي آثر والدها أن يبتعد عنها في سلام ..

ثم كانت المأساة التي لم تتوقعها مديحة أبداً وكانت الفضيحة لها ولأسرتها عندما اكتشفت في يومٍ مابعد لقاء حميم لم تكن تتوقعه مع "سمير "والذي أقسم لها بعده انه لن يتركها ..اكتشفت انها حامل ..يارباه وكيف تخبر والديها بتلك المصيبة ..وكان ماكان وعلموا ماأصابها ..ومابين جرحهم وصدمتهم في ابنتهم..وبين شفقتهم عليها لأنها هي في الأول والآخر ضحية ذلك الذئب ..اضطر والدها الموافقة على زواجها منه حتى يداووا الجراح بأقل خسارة ممكنة ..وتزوجت ولكن من أين ياتي الأمان مع هذا الذئب ؟؟..

كان يريد الإنتقام من والدهما الذي لم يمكنه من أن يدنس ماضيه النظيف والشريف فأراد أن يلعب لعبته عليه من خلال بناته..

وكانت أختها الصغرى"أميمة" قد خُطبت لزميلها "رأفت "وفي طريقهما لإنهاء إجراءات زواجهما ..متناسية ماكان منه-من "سمير"- من قبل وأنه قد لعب عليها وعلى أختها في نفس الوقت..وكانت "مديحة " عند زواجها قد تركت ل "أميمة" معطفها الجلد الأسود فلقد اشترى لها زوجها"سمير " معطفاً آخر ربما أغلى منه لكنه أبداً لم يكن أحب لمديحة من معطفها الأسود الجلد ..وبدأ "سمير " في رسم لعبته على "أميمة "وغافلها في لحظة وهما بعيدين عن الأعين ليبث لها هيامه بها وشوقه إليها ..وان علاقته "بمديحة" لم تكن سوى غلطة سيظل نادماً عليها طوال عمره ..ولكن هل تقع" أميمة" مثلما وقعت "مديحة "من قبل في الفخ ؟؟لا وألف لا..لقد اخبرت أختها بما حدث وفكرا في حيلة لكشفه على حقيقته..
وفي الموعد المتفق عليه ارتدت "مديحة "معطفها الأسود الجلد -والذي آل لإختها "أميمة "بعد زواجها ووضعت نظارة شمس كبيرة علها تجيد التنكر وكذا ايشارب يغطي شعرها ..وذهبت إليه حيث يجلس منتظراً" اميمة" ليكملا معا خطته اللعينة ورحب بها باسم" أميمة "وما أن نطق بالإسم حتى اسفرت" مديحة "عن وجهها لتواجهه بخيانته وبأساليبه اللعينة في الإيقاع بتلك الأسرة الطيبة في براثن الرذيلة إنتقاماً من والدهما الشريف ..وعادت "مديحة "باكية لحضن والديهاثم ذهبت وألقت في وجه ذلك الذئب كل ما ظن أنه يرضيها يوماً ما ولم تنس أن تلقي في وجهه ذلك البالطوالفرير فلا حاجة لها به فهو يذكرها بالخيانة طالبة الطلاق بغير رجعة .

هناك 23 تعليقًا:

ظلالي البيضاء يقول...

ماما زيزي
كنت هنا لكن لم يتسن لي أن أقرأ هذه القصة ..
لي عودة إن شاء الله ..
لكنني أحببت أن ألقي التحية ..
فألف تحية لك .. وأسأل الله تعالى أن تكوني بألف ألف خير ..

رؤى عليوة يقول...

فى الواقع قصص اغرب من الخيال

تسلم ايدك ماما زيزى القصة أشعر بها واقعيه واسلوبك متميز طبعا

كل حدث او قصه من الواقع او من الخيال بها حكمة يجب ان نعيها


دمت بخير

شمس النهار يقول...

الحياة كلها غرائب

تسلمي يازيزي

قصة جميلة

:)

بس ونبي شيلي كلمة التأكيد اللي بالانجليزي

مصطفى سيف الدين يقول...

هذا هو حال الذئاب يتحينون لحظة تشتت القطيع حتي يفترسون الشاة القاصية
قصة جميلة تسلمي يا ماما

Unknown يقول...

ماما زيزي وحشتيني :)
القصة جميله و أحداثها غير متوقعه
عجبني قوة أميمه رغم إنها أخت مديحه لكن سبحان الله التربيه وحدها لا تكفي لتجعلنا أقوى..الإيمان الداخلي أهم و أصعب من التربيه الحميده.
تسلم إيدك و أفكارك و تمتعينا دائماً بقصك الرائعه.
المعطف إتشرف يا فاندم :)

أرق و أعذب تحية لكي

zeze يقول...

انتي فين يا ماما زيزي وحشتيييني اوووووي
يارب تكوني بخير

Unknown يقول...

قصة مؤلمة بحق
فالكل خاسرون أما لقلب
او حتى (لذكرى طيبة )فى وقت ما

Unknown يقول...

هل لى أن أطمع
بأضافة مدونتى الى
مدوناتك الصديقة التى
تتابعيها ؟وشكرا جزيلاً

Beram ElMasry يقول...

العزيزه زيزي
كل عام وانت بخير وصحه وسعاده وتقبل الله صيامكم وقيامكم
ولكم مني كل محبه وود
تحيه وسلام ولاسلام مع بني اسرائيل

موجة يقول...

قصة قصيرة رائعة.. لديكي حس روائي متميز.. يمكنكي بقليل من الصبر كتابة روايات في منتهى الروعة..
الله حافظ :)

رشيد أمديون يقول...

تحية طيبة
إن انتزاع الفساد لا يكون إلا بقطع الجزء الذي هو متشبث به، الاستئصال صعب، لكنه أفضل.
قصة ذات ايحاءات جميلة، وهادفة.
قوة الفكرة في انتزاع الفساد وما له علاقة به، لأن بقاء ما له علاقة به هو بقاء الفساد نفسه.

كل التقدير والاحترام أستاذة زيزي.

zizi يقول...

تحياتي لكل من دخل وعلق عندي واسفة لأني لم ارد في وقتها لأني انشغلت بمدونتي الأخرى"اتمشى بين ضلوعي عن هذه المدونة ولكني في هذا الرد قد اعتذر للجميع وارد عليهم رغم طول المدة فالفرح ممدود ..والود موجود ..وكل الناس الأفاضل لازم اديهم حقهم من الشكر والتقدير ..تحياتي وشكري

zizi يقول...

محمدالذهبي ..تحياتي لك ويبدو انك لم تعد ثانية لتقرأ القصة ..عمومااذا فت من هنا فاقرا التدوينة ..

zizi يقول...

رؤى عليوة ..اشكرك على احساسك الرقيق ودايماً يا رب اكون باهديكم حاجات بتعجبكم ..دمتي بخير

zizi يقول...

شمس الشموس مبسوطة ان القصة عجبتك ووتقريباً انا فعلا شلت التأكيد اللي بالإنجليزي ..تحياتي

zizi يقول...

تسلم يا مصطفى وانت استاذي الرائع احنا تلامذتك ..تحياتي

zizi يقول...

شيرين الجميلة ..انا ومعطفي ومدونتي اتشرفوا بيكي يا روح قلبي ..

zizi يقول...

zezeالرقيقة ..انا هنا اهو معلش اتأخرت شوية ..بس وصلت اخيراً تحياتي وشكري

zizi يقول...

نورهاتي..انا يشرفني ويسعدني تكوني من ضمن مدوناتي الصديقة طبعا وانتي موجودة بالفعل على مدونتي "اتمشى بين ضلوعي .."مع خالص تحياتي وشكري ..

zizi يقول...

ألأخ العزيز بيرم المصري ..نورت المدونة واشكرك على كلامك الطيب ..وحالا حاروح مدونتك ازورك ..

zizi يقول...

موجة العزيز ..اشكر لك تقديرك لكتاباتي وفي الحقيقة فعلاً انا نشرت اول كتبي في معرض الكتاب السنادي ..واتمنى اكون عند حسن ظنك ..الكتاب اسمه "ومضات روح "وهو من مطبوعات دار ليلى للنشر ..

ظلالي البيضاء يقول...

ماما زيزي ..
هههه .. ضحكتُ كثيراً سعادةً بحرصك على قراءتي للتدوينة ..
وها قد قرأتها بسعادة وإن كانت القصة بتفاصيلها مؤلمة ..
لا أدري هل الحياة هي التي تصبغ على قصصنا آلامها أم أن قلوبنا هي التي تفيض ألماً..
بكل الأحوال سررتُ بالاستراحة هنا ..
أسأل الله لك كل السعادة .. ودمت بألف خير ..
مع التحية الطيبة

zizi يقول...

ابني العزيز محمد الذهبي ..اشكرك انت على المتابعة وهانحن نتواصل وكأننا معاً دائماً ..ارجو المتابعة وبس انا الأيام دي عندي شوية مشغوليات منزلية مع الأولاد وسوف اعود لأتابعك بشغف وباستمرارية كما كنت لأسعد بكتاباتك المثيرة دائماً ..تحياتي ومبسوطة ان القصة عجبتك ..